مفهوم التطبيق
المدرسي :
تستخدم الأدبيات
التربوية العربية مصطلحات مختلفة للتعبـير عن التطبيق المدرسي باعتباره أحـد
مكونات برنامج تأهيل المعلمين والمتعلق بقضاء الطلبة المعلمين فترة زمنية محددة في
المدارس متواصلة أو منقطعـة كجزء من تأهيلهم لتحقيق بعض من أهداف تأهيلهم
الأكاديمي والمهني . ومن هذه المصطلحات ، التربية العملية والذي يستخدم في عدد من
كليات التربية في الوطن العربي ، والتطبيقات التدريسية و يستخدم في كليات التربية
في الجامعات العراقية وكذا التطبيق
التعليمي ويستخدم في جامعات المغرب العربي.
ويأتي اختيارنا
لمصطلح التطبيق المدرسي ليس خروجاً عن المألوف أو عـدم الاعتراف بالمصطلحات
السائدة في الوسـط التربوي العربي و إنما لدينا من الأسباب التي دفعتنا إلى ذلك :
·
فالمفهوم
هو الصورة الذهنية التي تتكون لدى الفرد عن المدركات الحسية ( يعقوب نشوان 1991 ،
ص 127 ) وهو نتيجة لتخيل الفرد الخاص وأحكامه المنطقية ( كلاوس، ج. 1976 ، ص 26).
·
ويمكن التعبير عن المفهوم بصيغة أو عبارة ما ثم
يتم تحديد مضمون المفهوم من خلال تعريف مبسط له . ومع إن ذلك مشروع إلا إن هناك
محذوراً أساسياً وهو ضرورة الصياغة الدقيقة للمفاهيم فتطوير التفكير يعتمد قبل كل شيء على اكتساب المفهوم( لابس ،
هـ. 1987 ص 46(
·
إضافة إلى ذلك فإن العلاقـة بين المفهوم والكلمة
ليس دائماً ذات دلالة . فيمكن لكلمات مختلفة أن تعبر عن مضمون مفهوم ما ، كما يمكن
لكلمة أو لنفس الكلمة أن تعبر عن كينونة مفاهيم مختلفة .
·
يتم تحديد المفهوم من خلال التحليل الهادف
للأشياء المكونة له بغرض معرفة مميزاته الجوهرية وصورها المعممة للمفهوم ( كلاوس ،
ج. 1976، ص 26 ).
·
وفي ضـؤ ذلك حاولنا الابتعاد عن استخدام مصطلح
التربية العملية لأنه يثير تشوشاً ذهنياً لوجود إمكانيات مختلفة للتعبير عن مضمون
المفهوم ذاته وهو ما يمكن الاستدلال عليه من خلال التعريفات المتنوعة للتربية
العملية . فهناك – مثلاً - من يعتبر
التربية العملية بأنها تدريب الطالب على الحياة المهنية المستقبلية ، أو أنها فترة
التدريب العملي التي يمارسها طلبة السنة الرابعة في المدارس المتوسطة والثانوية ،
وهي عملية تدريسية بهدف تهيئة الطلبة المعلمين لممارسة عملهم في المستقبل أو إنها ممارسة مواقف تدريسية على
الطبيعة لترجمة المعرفة النظرية إلى أسلوب عملي ، وهي كذلك فترة زمنية يتحقق فيها
للطالب التأكد من صلاحية إعداده النظري والمهني والتعليمي والإداري ... الخ .
·
وفي حين يعطى مصطلح التربية العملية في
التعريفات السابقة دلالة لجانب من جوانب عملية تأهيل المعلمين إلا إنها في الوقت
ذاته أكسبتـه مضامين متنوعـة ،
تدريب وتهيئـة ، تأكـد من
صلاحية الإعداد ، ممارسة مواقف تدريسية على الطبيعـة . . الخ وقد تطول القائمة إذا
ما حاولنا استعراض تعريفات أخرى .
- كما يستدل أيضاً من هذه التعريفات للتربية
العملية حصر النشاطات التدريسية فيها على فترة زمنية محددة لا تشمل العملية
الدراسية برمتها من اليوم الأول الذي يلتحق فيه الطالب بكلية التربية إلى يوم
تخرجه منها ، وفي هذا إخلال بوظيفة التطبيق المدرسي باعتباره أحد الجوانب الهامة
لترجمة مبدأ وحدة النظرية والتطبيق في العملية الدراسية. فلا يجوز أن تقتصر
الدراسة في الكلية على الجانب النظري ويتم تأجيل الجانب التطبيقي إلى حين خروج
الطلبة إلى المدرسة في المرحلة النهائية من مراحل تأهيلهم فمثل هذا الفصل التعسفي
بين النظري والتطبيقي كما يرى ( فيتنجبروخ 1985، ص 19) لا يترجم ترجمة حقيقة مبدأ
وحدة النظرية والتطبيق وكذلك ( شاله Schaale 1978 ص 77 ) .
·
- من جانب آخر يمكن فهم التربية العملية كمفهوم
واسع يشمل مختلف الأساليب التربوية لتطوير المعارف والقدرات العملية ، والتوجيه
المهني ، وتطوير قيم وأخلاقيات العمل ، وهو ما يكسبها بعداً واسعاً ولا يقتصر
تحقيقها في جانب محدد من جوانب عملية تأهيل المعلمين ، بل هي مهمة تساهم في تحقيقها
كل المساقات الدراسية أثناء الدراسة ، وتشـترك في تحقيقها مختلف الفعاليات
التربوية ليس فقط في مؤسـسات إعداد المعلمين و إنما في المدرسة وما قبلها وفي
مختلف المؤسـسات الاجتماعية والثقافية والمهنية وليس لها نقطة نهاية .
·
- وعلى خلاف ذلك تعرف قواميس اللغة التطبيق
ومصدره ( طبَّق ) بأنه إخضاع المسائل والقضايا لقاعدة علمية أو قانونية أو نحوها
وهو كل ما لا يقتصر على النظرية فحسب بل يشمل إفهام القاعدة عملياً( محمد الباشا
1992 ص 267 ) .
v
أما ابن منظور في لسان العرب فقد أكسبه إضافة
إلى أشياء أخرى معنى التمرن.
·
- ويفهم التمرين أو التدريب تربوياً بأنه
الممارسة المخططة والمتكررة للنشاطات بهدف تطوير فاعليتها وتحسين نوعيتها
والارتقاء بها إلى مستوى عال من الإتقان والمهارة . ويعتبر التمرين خطوة أساسية
وشرطاً ضرورياً لتطوير قدرات الطلبة لتطبيق معارفهم المكتسبة في ظروف متغيرة .
ولهذا ترتبط الوظيفـة التدريسية للتطبيق بوظيفة التمرين وان الاختلاف الرئيس
بينهما يكمن في أن الأول يتم بصورة مستقلة نسبياً أما الأخير فيتحقق إضافة إلى
أشياء أخرى وفقاً لنموذج أو مثال محـدد.
لذلك يوصف التطبيق بأنه تاج العملية التدريسية وأرقى مدرسة لتنمية وتطوير
المعارف والقدرات والمهارات وقـد عرفه ( ناومان 1985 ص 277 ) بأنه تلك الوظيفة
التدريسية التي يتحقق فيها للمتعلمين تحت قيادة تربوية ومن خلال قيامهم بإنجاز
مهام وواجبات محددة بصورة ذاتية نسبياً
اكتساب المعارف والقدرات وممارسة نشاطات بصورة مستقلة ومبدعة.
وعلى هذا الأساس تفهم وظيفة التطبيق في كلية التربية كعملية مخططة ومنظمة تبدأ
بالتوجيه والإرشاد والتدريب وتتوج بممارسـة نشاطات ذاتية ومستقلة . مما يعني أن
النظر إلى التطبيق كمكون هام من مكونات عملية تأهيل المعلمين غـير محددة بفترة زمنية
هي شهر أو شهرين يقضيها الطالب في المدرسة كما بينتها التعريفات السابقة بل إنها
عملية متكاملة هدفها توفير الإمكانية لتحقيق الربط الوثيق بين ما يدرسه الطالب في
الكلية من جهة وعلاقة ذلك بالواقع المدرسي وجعل الطالب في ارتباط دائم ووثيق بمجال
عمله المستقبلي وتدريبه وتهيئته للاضطلاع بمهامه بصورة مبدعة .
على هذا النحو
يمكن تعريف التطبيق المدرسي بأنه أحـد المكونات الأساسية لتأهيل المعلمين وهو
عملية متكاملة تحقق للطالب الارتباط المباشر بالواقع المدرسي منذ التحاقه بالكلية
وتوفر له معايشة العملية التعليمية والتربوية بشموليتها وتمكنه من تطبيق معارفه
على الواقع المدرسي .